هذا الكتاب يهدف إلى تعريف الدارسين والباحثين والممارسين في مجالات الحكم المحلى بمفاهيم اللامركزية والإدارة المحلية والحكم المحلى والحوكمة المحلية Local Governance والفيدرالية. كما يهدف إلى تحليل علاقات اللامركزية بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبالتنمية وبمكافحة الفساد، فضلا عن العوامل البيئية التي تؤثر على نظم الحكم المحلى ومقومات نظام الحكم المحلى، ونظام الحكم المحلى فى جمهورية مصر العربية، فضلا عن التنمية المحلية المستدامة وأدوار الفاعلين المحليين.

ولقد أصبحت اللامركزية في العقود القليلة الماضية اتجاها عالميا، حيث تبنتها العديد من الدول المتقدمة والدول النامية، وكذلك الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية. وفى مصر، عقدت الجامعات والمراكز البحثية والهيئات الدولية المانحة مؤتمرات وندوات عديدة في مجال اللامركزية، إلا أن هذا الاهتمام الأكاديمي لم يقابله اهتمام مماثل على المستوى السياسي والعملي، حيث اقتصر الحديث عن اللامركزية من جانب القيادات السياسية قبل ثورة ٢٥ يناير ۲۰۱۱ والموجة الثانية منها في ۳۰ يونية ۲۰۱۳ على مجرد التصريحات وأوراق العمل التي كان يطرحها الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، فاستمر القانون الذي ينظم اللامركزية هو ذاته الذي وضع في عام ۱۹۷۹ ، بل أدخلت عليه تعديلات عديدة كان التوجه الأساسي فيها هو إلى المركزية، خاصة التعديلين اللذين تما في عامي ۱۹۸۱، و ۱۹۸۸. ومن هنا، فإن المفترض أن تشهد مصر ما بعد الثورة اهتماما جادا وحقيقيا باللامركزية والحكم المحلى وتبدو مؤشرات ذلك فيما جاء في دستور عام ٢٠١٤ بخصوص الإدارة المحلية.

وفي إطار هذا التصور، ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب تناول أولها اللامركزية والحكم المحلى دراسة نظرية، من خلال سبعة فصول ركزت جميعها على الإطار المفاهيمي واللامركزية وضرورات اللامركزية، ومقومات الحكم المحلى والعوامل البيئية المؤثرة في نظم الحكم المحلى وركز الباب الثانى على اللامركزية والحكم المحلي في مصر، من حيث المستويات المحلية، والمجالس المحلية والتنفيذية والاختصاصات المحلية، والموارد المالية المحلية، وعلاقات الوحدات المحلية بالحكومة المركزية وببعضها البعض. وركز الباب الثالث في فصلين على التنمية المحلية المستدامة وأدوار الفاعلين المحليين.